“إعلان مسقط” يجدد التزام البلدان العربية بتنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد ثلاثين عامًا على اعتمادهما

“إعلان مسقط” يجدد التزام البلدان العربية بتنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد ثلاثين عامًا على اعتمادهما

استضافت سلطنة عُمان اليوم الاجتماع الإقليمي الرفيع المستوى لمناقشة المراجعة الإقليمية لإعلان ومنهاج عمل بيجين بعد مرور ثلاثين عامًا على اعتمادهما، بمشاركة وزراء وكبار المسؤولين من الأجهزة الوطنية المعنية بشؤون المرأة في الدول العربية، إضافة إلى ممثلين عن منظمات المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وفي ختام الاجتماع، تبنى المشاركون إعلان مسقط ، حيث جدد الحضور الالتزام بالعمل على تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين اللذين يُطرحان كخيارات محورية ومسارات استراتيجية للنهوض بأوضاع المرأة والفتاة.

وشارك في تنظيم هذه الفعالية لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وجامعة الدول العربية.

في الجلسة الافتتاحية، أشارت وزيرة التنمية الاجتماعية العُمانية ليلى بنت أحمد النجار في كلمة ألقاها بالنيابة عنها الشيخ راشد بن أحمد الشامسي، إلى التقدّم الذي حققته السلطنة من ناحية الأطر التنظيمية والمؤسسية التي تكفل حماية حقوق المرأة، أبرزها “المرسوم السلطاني الذي أفرد للمرأة قدرًا كبيرًا من العناية وأكّد على كفالة الدولة بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل في شتى المجالات”. وأكّدت أنّ “الالتزامات الدولية تُعدّ إحدى الأولويات التي تحرص السلطنة على الإيفاء بها، انتهاجًا لسبل التواصل والارتقاء بالعلاقات المشتركة بين البلدان وانعكاسًا للجهود الوطنية الممكّنة للمرأة العمانية”.

وقالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي: “لقد أحرزنا تقدّمًا جديرًا بالثناء. ففي العامين الماضيين فقط، صدر أكثر من 100 قانون وتعديل تشريعيّ في الدولِ العربية، لتحسين وصول المرأة إلى العدالة، وحماية حقوقها في مكان العمل، وضمان سلامتها في الأماكن العامة... ولكن في العام الماضي، عانى أكثر من 15 مليون امرأة وفتاة في منطقتنا بشكل مباشر من النزاعات المسلّحة، … وهذه الظروف القاهرة وغيرها تتطلّب منّا أن نجدّد التزامنا بمبادئ بيجين، وأن نكيّف أساليبنا ونعتمد نهجًا مبتكرة لضمان عدم إهمال أحد”.

واستعرض المشاركون التقدم المحرز للمرأة العربية والتحديات التي تواجهها، وتناولوا أربعة محاور أساسية: مكافحة العنف ضد المرأة، تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة، ودعم مشاركتها في صنع القرار، وحمايتها في النزاعات المسلحة. كما سلّطت النقاشات الضوء على المبادرات العالمية المصاحبة، مثل مؤتمر قمّة المستقبل واجتماعات لجنة المرأة في نيويورك المقررة في آذار/مارس المقبل.

من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة سيما بحّوث: “يؤكد إعلان مسقط التزام المنطقة العربية الراسخ بتمكين المرأة وتحقيق المساواة، وتعزيز حقوق جميع النساء والفتيات. مع مرور 30 عامًا على إعلان بيجين، ندرك أن مسيرة تمكين المرأة قد تكون معقّدة، لكنّها ممكنة التحقيق. هذا الإعلان يبرز أن التنمية المستدامة والسلام لا يمكن تحقيقهما دون المشاركة الكاملة والتمكين الحقيقي للنساء. معًا، علينا تحويل هذه الالتزامات إلى خطوات ملموسة تحدث فارقًا حقيقيًا في حياة النساء.”

وشهد الاجتماع استعراض “التقرير العربي الشامل حول التقدم المحرز في تنفيذ منهاج عمل بيجين بعد ثلاثين عامًا“، والمُعدّ بناءً على تقارير وطنية من 18 دولة عربية. فالدول تقدّم تقاريرها الوطنية كلّ خمس سنوات لمراجعة الإنجازات والتحدّيات. وعلى الرغم من التقدّم الملحوظ خلال المراجعة الحالية في تعديل التشريعات وزيادة مشاركة المرأة في صنع القرار، تظلّ التحدّيات المرتبطة بالنزاعات والأزمات الإقليمية عائقًا أمام تحقيق التغيير المنشود.

وأكّدت الأمينة العامة المساعدة ورئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية هيفاء أبو غزالة أنّ العام 2025 “يعدّ عامًا محوريًا نتطلع خلاله للعمل سويًا لتعزيز صوت المرأة العربية على المستوى الدولي خلال أعمال الدورة التاسعة والستين للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة في نيويورك، وهي أيضًا فرصة لتجديد الالتزام العربي بمبادئ إعلان ومنهاج عمل بيجين”. وثمّنت أبو غزالة اهتمام الدول العربية التي شاركت في المراجعة الإقليمية السادسة لإعلان ومنهاج عمل بيجين، متمنية أن يكون عام 2025 فرصة للتعافي من ويلات الحروب ومن الخسائر التي تحملت النساء العبء الأكبر منها.

وكانت الإسكوا قد نفّذت برنامجًا شاملًا بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وجامعة الدول العربية لدعم الدول العربية في إعداد تقاريرها الوطنية والمراجعات الإقليمية. كما عقدت سلسلة من المشاورات مع البرلمانات ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان لضمان تمثيل جميع الفئات.

ويُعَدّ هذا الاجتماع فرصة للدول العربية لتحديد أولوياتها للسنوات الخمسة المقبلة، بما يضمن تسريع تنفيذ إعلان بيجين وتحقيق التنمية المستدامة والشاملة. وتجدر الإشارة إلى أن إعلان ومنهاج عمل بيجين، اللذين تمّ اعتمادهما عام 1995، يُشكّلان إطارًا عالميًا للنهوض بأوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين، وهما يُركّزان على 12 مجالًا حاسمًا لتعزيز مشاركتها الفاعلة في المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *