أعلن دار النشر في الجامعة الأميركيّة في بيروت عن إصدار جديد في سلسلة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ضمن القسم الفرعيّ للنصوص والدراسات العربيّة والإسلاميّة: مقوِّمات النظريّة اللغويّة العربيّة. كتابٌ صدر حديثًا، وهو دراسة معمّقة للدكتور رمزي بعلبكي يناقش النظريّة اللغوية العربيّة في النحو والمعجم، ما يتيح للقارئ التعرّف إلى النظريّة اللغويّة العامّة الضابطة للنحو والمعجم العربيّين في مراحل التأليف الأولى بدءًا من القرن الثاني حتّى الخامس للهجرة.
يسعى هذا الكتاب إلى تبيان قدرة النظريّة اللغويّة العربيّة على استيفائها أهمّ شرطين من شروطها، وهما شمول مادّتها وتماسُك أركانها، ذلك بعد عناية مكثّفة من النحاة العرب بدراسة الأبعاد الذهنيّة والسياقيّة التي تصاحب عمليّة التواصل بين المتكلّم والمخاطب، لا بل بعد تحليل مشبَع لقدرة النظريّة على التعامل مع صيغٍ وتراكيبَ سواءٌ أكانت مستعملَةً أم مصنوعةً لا تقع في الاستعمال.
يصف بعلبكي تشكُّل المدوَّنة اللغويّة التي أكبّ اللغويّون على دراستها بعد تضخُّم المادّة اللغويّة وانتشار الغريب من الألفاظ في اللغة، فتوزّعت مهامّ اللغويّين بين جمعٍ ووصفٍ وتحليل وضبط للظواهر اللغويّة. ينطلق الباحث بعرض المفاهيم النحويّة الخمسة: العمل، والقياس، والتقدير، والتعليل، والأصل. ولا يكتفي بوصفها فحسب، إنّما يبيّن تماسك بعضها ببعض فيثبت قدرة النظريّة على الإحاطة بقواعد العربيّة وترابُطها. لم يفُت الباحث البدء بتحليل علاقة اللفظ بالمعنى، معتمِدًا على ما جاء في الكتاب لسيبيويه – أوّل من أرسى أسس النظريّة النحويّة مكتوبةً ومنتظمةً.
من اللافت في الكتاب دراسة ما وراء الظواهر اللغويّة من حيث الكشف عن مواطن تميُّز اللغة العربيّة في طواعيّتها وقدرتها على التعبير عمّا يجول في ذهن المتخاطبَين. كلّ ذلك ضمن أطرٍ ضابطةٍ استشفّتها النظريّة اللغويّة من تراكيب العربيّة، فخصّص الباحث الفصلَ الأخير لدراسة المكوِّن الدلاليّ في كلّ من علم النحو والمعجم. هذا، ويدرس بعلبكي الشاذّ في اللغة العربيّة ووسائل ضبطه ضمن النظريّة اللغويّة. ومن ثَمّ يفصّل التراتب وتصنيف المادّة اللغويّة على المستويات: الصوتيّ والصرفيّ والتركيبيّ.